









منصات التواصل بين حرية التعبير ورهانات الاستقرار.. حين يصبح الافتراضي مؤثراً في الواقعي
الوكالة
2025-02-25

بدر قلاج/
في زمن تتحكم فيه التكنولوجيا في إيقاع الحياة، لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد فضاءات للترفيه أو تبادل الأخبار، بل تحولت إلى ساحة نقاش عمومي تحمل أبعادًا اجتماعية وسياسية وثقافية، قد تساهم في بناء الاستقرار كما قد تهدد تماسكه. من هذا المنطلق، نظّمت مؤسسة نور للتنمية المستدامة يوم الاثنين 24 فبراير 2025 على الساعة الرابعة بعد الزوال، لقاءً تواصليًا جمع نخبة من الفاعلين في المجتمع المدني والسياسي والإعلامي، بالإضافة إلى فنانين ومثقفين بمدينة مراكش، للتفكير في تأثير منشورات منصات التواصل الاجتماعي على رهانات الاستقرار الاجتماعي.

اللقاء، الذي شهد مشاركة الإعلامي حسن بنمنصور، والحقوقية رجاء المنصوري، والأستاذة فاطمة الزهراء زربا، ورئيسة مؤسسة نور للتنمية المستدامة نور الهدى الصبري، طرح تساؤلات جوهرية حول التوتر القائم بين حرية التعبير وضرورة حماية الاستقرار الاجتماعي. فمع توسع نطاق التأثير الرقمي، أصبحت منصات التواصل ليست فقط وسيلة لنقل الأخبار والآراء، بل باتت فضاءً للتأثير في الرأي العام وصناعة التوجهات الاجتماعية والسياسية.

وقد تمحورت النقاشات حول كيفية تحقيق توازن بين الحق في التعبير دون قيود تعسفية، وبين تفادي الانزلاق نحو خطاب الكراهية والتضليل، خاصةً في سياقات الأزمات التي تجعل المجتمعات أكثر هشاشة أمام الشائعات والاستقطاب الحاد. لم يكن اختيار مدينة مراكش لاستضافة هذا اللقاء اعتباطيًا، فالمدينة التي طالما شكلت فضاءً للتلاقح الثقافي والفكري، تجد نفسها اليوم أمام تحديات العصر الرقمي، حيث أصبح للخطاب الافتراضي انعكاسات ملموسة على دينامياتها الاجتماعية. من هنا، شدد المتدخلون على ضرورة تعزيز ثقافة الحوار الرقمي المسؤول، وتكريس وعي مجتمعي يجعل من وسائل التواصل أداةً لبناء المشترك بدل أن تكون وقودًا للاستقطاب والانقسام.


انتهى اللقاء إلى خلاصات تؤكد على أهمية تعزيز التربية الإعلامية والرقمية، وتطوير آليات المساءلة الذاتية لدى مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، مع التأكيد على دور المؤسسات في تعزيز إطار قانوني وأخلاقي يضمن حرية التعبير دون المساس بقيم العيش المشترك.


إن هذا النقاش يفتح الباب أمام مقاربات جديدة لفهم التحولات التي تفرضها الوسائط الرقمية على المجتمعات، ويطرح سؤالًا أكثر عمقًا: كيف يمكننا تحويل هذه الأدوات من فضاء للفوضى إلى مساحة للحوار والتواصل الفعّال، بحيث لا يكون الاستقرار الاجتماعي رهينة للمزاج الرقمي؟




