









الرقم 19 آلية استراتيجية لترسيخ الأمن القريب وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسة الأمن الوطني
الوكالة
2025-06-21

عبدالكريم الحساني /مراد مزراني
في سياق تطور منظومة الأمن العمومي بالمغرب، برز الرقم الهاتفي 19 كآلية محورية لترجمة مفهوم “الأمن القريب من المواطن” على أرض الواقع، بعدما تجاوز دوره التقليدي كرقم مخصص للطوارئ، ليُصبح قناة مباشرة للتواصل الفوري بين المواطن ومصالح الأمن الوطني، تُمكن من الاستجابة الفعالة للحوادث والنداءات العاجلة، لاسيما في الحواضر الكبرى وعلى رأسها جهة الدار البيضاء الكبرى.
من رقم للطوارئ إلى أداة مواطنة
الرقم 19، الذي يُدار مركزياً من قبل المديرية العامة للأمن الوطني، يمثل اليوم أحد الأعمدة الأساسية لسياسة القرب الأمني التي تنتهجها المؤسسة الأمنية، وهو يُتيح خدمة مجانية، دائمة، وفعالة للتبليغ عن مختلف أنواع الحوادث: من الجرائم بمختلف تصنيفاتها، إلى حالات العنف المنزلي، مروراً بحوادث السير والوقائع ذات الطابع المشبوه.
ويشتغل الرقم وفق منظومة تقنية متقدمة تقوم بتحويل المكالمات تلقائياً إلى أقرب مركز أو دائرة أمنية حسب موقع المتصل، ما يسمح بتقليص زمن التفاعل، وتوجيه الدوريات الأمنية بشكل آني إلى أماكن التدخل.
إصلاح هيكلي بإشراف المدير العام عبد اللطيف الحموشي
التحول النوعي في آلية الاشتغال بهذه الخدمة، لم يكن ليتحقق دون التوجهات الاستراتيجية التي يقودها السيد عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني والمدير العام لمراقبة التراب الوطني، والذي أطلق خلال السنوات الأخيرة ورشاً شاملاً لإعادة هيكلة المرفق الأمني، سواء على المستوى البشري عبر تكوين وتأهيل الموارد البشرية، أو على المستوى التقني من خلال إدماج أنظمة الاتصال الذكية وآليات التدخل السريع.
ويأتي هذا في إطار رؤية متكاملة تروم جعل الأمن الوطني جهازاً تفاعلياً، مرناً، ومواكباً لتحولات المجتمع، وقادراً على الاستجابة لتحديات الحاضر والمستقبل.
الدار البيضاء.. تجربة ميدانية ناجحة وملموسة
تُعتبر جهة الدار البيضاء الكبرى، بما تشهده من كثافة سكانية عالية وتشعب مجالي معقد، نموذجاً عملياً لفعالية الرقم 19. فقد أسهمت هذه الخدمة في:
- تقليص متوسط زمن التدخل الأمني في حالات الطوارئ، ليصل في بعض الأحياء إلى أقل من 5 دقائق؛
- رفع نسبة التبليغ عن الجرائم مقارنة بالسنوات السابقة، نتيجة تحسين الثقة في فعالية الاستجابة؛
- تقوية الوجود الميداني للدوريات الأمنية بشكل استباقي بناءً على نداءات المواطنين؛
- تمكين مصالح الأمن من التتبع اللحظي لحركية الجريمة بوسائل رقمية دقيقة.
وبات من المعتاد اليوم أن تتحرك عناصر الأمن بسرعة لاحتواء خلاف عائلي، أو توقيف مشتبه فيه في حالة تلبس، أو التدخل في نزاع بالشارع العام، بمجرد تلقي مكالمة عبر الرقم 19.
التبليغ شراكة بين المواطن ومؤسسة الأمن
هذا التطور في الأداء الأمني يدفع إلى التأكيد على أن التبليغ عن الوقائع والحالات المشبوهة لم يعد خياراً فردياً، بل أصبح مسؤولية جماعية ومؤشراً على نضج العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
المديرية العامة للأمن الوطني توجه في هذا الإطار نداءً واضحاً لمكونات المجتمع المدني، من جمعيات وهيئات أحياء وفعاليات محلية، من أجل الانخراط الفاعل في هذه الدينامية، وممارسة المواطنة الإيجابية من خلال الإبلاغ وعدم التواطؤ بالصمت مع مظاهر الجريمة.
نحو نموذج وطني للأمن التشاركي
الرقم 19 أصبح اليوم أكثر من مجرد خط ساخن، فهو أداة مركزية في الهندسة الجديدة للأمن العمومي، ودعامة تكنولوجية لخدمة التدخلات الميدانية، وجسر ثقة متين يربط المواطن بمؤسسة أمنية عصرية، فعالة، ومتفاعلة مع تطلعات المجتمع.
ومن خلال إشراف السيد عبد اللطيف الحموشي المباشر على تحديث هذا النظام، يتجسد الالتزام بمواصلة تحديث الأمن الوطني، ليس فقط عبر البنية التحتية أو التكنولوجيا، بل أيضاً عبر ترسيخ قيم الحكامة الأمنية والانفتاح على المواطن باعتباره شريكاً أساسياً في الحفاظ على النظام العام.




