
الجديدة : م / م _ ب /م
من قلب جماعة سيدي إسماعيل، الواقعة على هامش الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين الجديدة وأسفي، برزت فكرة جريئة كانت في بدايتها لا تتجاوز حدود الحلم: تحويل نقطة عبور عادية إلى فضاء نابض بالحياة، يجمع بين الراحة والاكتشاف، ويمنح للمكان قيمة مضافة تنموية وسياحية.

هكذا شقّ مشروع “واحة البلدي” طريقه من مجرد فكرة إلى مشروع متكامل، يعكس طموح جماعة قروية قرّرت أن تتحرر من الصور النمطية وأن ترسم مساراً تنموياً خاصاً بها، دون انتظار دعم خارجي أو برامج فوقية.
الواحة ليست فقط محطة استراحة عابرة، بل مشروع متعدد الوظائف يزاوج بين الجانب الخدمي والثقافي، الاقتصادي والاجتماعي. فهي تضم:
- مقهى ومطعماً يقدم منتوجات محلية بأيدٍ من أبناء وبنات المنطقة.
- سوقاً دائماً للمنتوجات الفلاحية والتقليدية، مما يتيح للزوار فرصة التعرف على خيرات المنطقة واقتناء منتجاتها.
- فضاءً للعروض والأنشطة الثقافية، يُمكن استغلاله في تنظيم مهرجانات محلية، حفلات فنية، أو ورشات للأطفال.
- ملاعب وحديقة أطفال، تضمن الراحة للعائلات وتحوّل التوقف إلى لحظة استجمام جماعية.
- موقف سيارات منظم، يعكس الوعي بأهمية التفاصيل في تجربة الزائر.
ما يميز هذا المشروع ليس فقط تنوع مرافقه، بل طابعه المحلي الصرف؛ إذ تم إنجازه بكفاءات الجماعة وأبناء المنطقة، سواء في التصميم أو التنفيذ، مع الأخذ بعين الاعتبار الهوية البصرية والمعمارية للمنطقة، وهو ما جعله مشروعاً متجذراً في بيئته وليس مفروضاً عليها.
وراء هذا الورش الطموح، تقف شخصية سياسية آمنت بأن التنمية ليست شعاراً ولا خطابات مناسباتية، بل فعل يومي نابع من صلب الواقع. رئيس جماعة سيدي إسماعيل، بتفكيره الواقعي ونَفَسه الطويل، جعل من رئاسته أداة للبناء والاستشراف، لا فقط لتصريف الأمور الإدارية. حمل المشروع على عاتقه منذ ولادته، ورافع من أجله داخل دواليب الإدارة، وحشد له الدعم من الشركاء، دون أن يفقد روح المبادرة المحلية.
“واحة البلدي” اليوم ليست فقط بنية جاهزة للاستغلال، بل نموذج يُقدَّم في التجمعات واللقاءات التنموية كتجربة ناجحة قابلة للتكرار في جماعات أخرى. إنها تجسيد حي لقدرة العالم القروي على الإبداع، حين تُمنح له الثقة وتُفتح له سُبل المبادرة.
في زمن تتسارع فيه حركة النقل وتختصر فيه المسافات، اختارت جماعة سيدي إسماعيل أن تُبطئ الإيقاع قليلاً، وتدعوك للتوقف… لا لتستريح فقط، بل لتُعيد اكتشاف المغرب القروي، بطاقاته، بمنتجاته، بثقافته، وبأهله الذين يعرفون كيف يحلمون، ويُنجزون.