
الدار البيضاء –عبد الكريم الحساني
في حادثة مؤلمة تهز الثقة في بعض العلاقات الاجتماعية، وتكشف عن مدى تغلغل الطمع في نفوس البعض، تعرّض شاب عشريني من مدينة أكادير لعملية نصب واحتيال تحوّلت إلى اعتداء جسدي عنيف، بعد أن وقع في فخ محكم نُصب له من طرف شخص كان يعتبره صديقًا مقربًا.
القضية بدأت عندما تواصل الضحية مع “صديقه” الذي ينحدر من حي سيدي البرنوصي بمدينة الدار البيضاء، وأخبره برغبته في شراء سيارة مستعملة. الأخير لم يتردد في استغلال الموقف، وادعى امتلاكه لسيارة معروضة للبيع بمبلغ 14 مليون سنتيم. وبعد سلسلة من المحادثات الهاتفية، تم الاتفاق على تفاصيل الصفقة، بما في ذلك موعد ومكان اللقاء.
الضحية، وبحسن نية، سافر من أكادير إلى الدار البيضاء رفقة أحد معارفه، حاملاً المبلغ المالي نقدًا. وصل في وقت متأخر من الليل، وتحديدًا بعد منتصف الليل، حيث أخبره “الصديق” أن اللقاء سيتم في مكان معين بالقرب من ملعب لكرة القدم بحي سيدي البرنوصي.
ما إن وصل الشاب إلى المكان المحدد، حتى وجد نفسه محاصرًا من طرف أفراد عصابة مسلحة كانت في انتظاره. تبيّن أن “الصديق” كان قد نسق معهم مسبقًا، حيث أعدوا كمينًا محكمًا في مكان معزول وخالٍ من المارة. هناك، تخلّت كل معاني الصداقة عن وجودها، وتحولت الثقة إلى كابوس دموي.
الضحية تعرّض لاعتداء جسدي عنيف، حيث تم ضربه وسحله وتجريده من المبلغ المالي الذي كان بحوزته، وسط تهديدات باستعمال الفيزي من طرف أفراد العصابة. ثم تم التخلي عنه في حالة صدمة نفسية وجسدية.
بمجرد تلقي البلاغ، تحركت مصالح الأمن بمنطقة سيدي البرنوصي بسرعة، حيث فتحت الشرطة القضائية والعلمية تحقيقًا دقيقًا، جمع الأدلة والمعطيات التقنية المتوفرة، بما في ذلك تسجيلات كاميرات المراقبة وتحليل المكالمات الهاتفية.
وأسفرت التحريات عن تحديد هوية المشتبه فيه الرئيسي، وهو ذات “الصديق” الذي خطط للجريمة، إلى جانب عناصر العصابة المتورطة. وقد تم إصدار مذكرات بحث وطنية في حق الجناة، بينما تستمر التحقيقات لتوقيفهم وتقديمهم أمام العدالة.
هذه الحادثة المروعة تسلط الضوء مجددًا على مخاطر الثقة العمياء، خاصة في سياقات تتعلق بالتعاملات المالية دون أي توثيق قانوني أو ضمانات واضحة. كما تفتح باب التساؤلات حول التحولات القيمية في المجتمع، حين يُستبدل الوفاء بالغدر، ويُستغل رباط الصداقة كغطاء للجرائم.
ويبقى الأمل معلّقًا على تحقّق العدالة وإنصاف الضحية، وعلى وعي مجتمعي متزايد يُعيد الاعتبار لقيم الأمانة، ويُحذر من الوقوع في فخاخ المعاملات غير المحمية قانونيًا، حتى وإن جاءت من أقرب الناس.
هدا و تسارع المصالح الأمنية بمنطقة أمن سيدي البرنوصي الزمن من أجل توقيف المتورطين في الفعل الجرمي