
فقدت الساحة الفنية المغربية صباح اليوم الإثنين، واحدًا من أبرز أعلامها في مجال الغناء والتلحين، بوفاة الفنان محسن جمال عن عمر يناهز 77 سنة، بعد صراع طويل ومرير مع المرض، بمدينة طنجة، حسب ما أكدته أسرته.
الراحل محسن جمال يُعد من الفنانين الذين ساهموا بشكل لافت في تطوير الأغنية المغربية العصرية، حيث بدأ مشواره الفني في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وتحديدًا سنة 1983، بعد سنوات من التكوين الذاتي والاحتكاك بكبار الموسيقيين، واستطاع أن يُثبت ذاته كصوت مميز وملحن مبدع، حمل مشروعًا فنيًا متكاملًا جمع بين جودة الكلمة، وحرفية التلحين، ودفء الأداء.
من أبرز الأغاني التي بصم بها الساحة الفنية:
- “الزين فالثلاثين”
- “أكيد أكيد”
- “سمع ليا نوصيك”
- “عيونك قالو لي”
- “يا الغادي فطريق مولاي عبد السلام”
وهي أعمال تنتمي إلى مرحلة ذهبية من تاريخ الأغنية المغربية، تميزت بالالتزام الجمالي والفني، وبالإقبال الجماهيري الواسع، حيث حظيت هذه الأغاني بانتشار كبير داخل المغرب وخارجه، بفضل بساطة ألحانها وعمق مضامينها.
محسن جمال لم يقتصر على الغناء فقط، بل كان أيضًا ملحنًا من الطراز الرفيع، تعاون خلال مسيرته مع نخبة من الأصوات المغربية الكبيرة التي شكلت واجهة الفن المغربي في فترته الذهبية، وعلى رأسهم:
- عبد الوهاب الدكالي
- عبد الهادي بلخياط
- محمد الحياني
- نعيمة سميح
- لطيفة رأفت
كما اشتغل مع ملحنين مرموقين مثل عبد السلام عامر وعبد الرحيم السقاط، وهي أسماء كان لها دور كبير في تأطير وصقل تجربته الفنية، ما منحه فرصة الإبداع داخل مدرسة فنية راقية، تقوم على احترام الذوق العام والالتزام بروح الهوية المغربية.
إلى جانب موهبته في الغناء والتلحين، كان الراحل مولعًا بآلة العود، التي كان يعزف عليها بإتقان وشغف، ما جعله من الفنانين القلائل الذين جمعوا بين الصوت الجميل، والكفاءة التقنية في التلحين والعزف.
عرف عن محسن جمال تواضعه الكبير، وابتعاده عن الأضواء والصراعات الفنية، وحرصه على الاشتغال في صمت، ما أكسبه احترام زملائه في الوسط الفني، وحب جمهور ظل وفيًا له رغم ابتعاده النسبي عن الساحة في السنوات الأخيرة بسبب المرض.
برحيل هذا الفنان، تطوي الأغنية المغربية العصرية صفحة جديدة من صفحاتها المضيئة، ويفتقد الجمهور المغربي صوتًا صدح لسنوات بالأصالة والصدق، وجسد صورة الفنان الحقيقي الذي اختار الفن رسالة لا شهرة عابرة.
وقد خلف خبر وفاته حزنًا عميقًا في صفوف الفنانين والجمهور على حد سواء، وسط إشادات بمسيرته الفنية الطويلة وإرثه الموسيقي الذي سيبقى خالدًا في ذاكرة الأغنية المغربية.