
عبدالكريم الحساني /
تعد جماعة أولاد غانم، الواقعة في قلب إقليم الجديدة، واحدة من أبرز المناطق الفلاحية التي تساهم بشكل كبير في تزويد الأسواق المغربية بالمنتجات الزراعية، خاصة في الفترات التي تواجه فيها البلاد تحديات اقتصادية أو زراعية. ومنذ سنوات طويلة، أصبحت هذه المنطقة رمزًا من رموز الصمود والتكاتف المجتمعي، حيث قدمت مثالاً عمليًا على كيفية تحويل الأرض إلى مصدر رزق وأمن غذائي للبلاد.

لم يكن النجاح الذي حققته أولاد غانم وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لجهود جبارة بذلها الفلاحون والجمعيات والتعاونيات المحلية. هؤلاء الأفراد الذين عملوا بجد وبدون كلل على زراعة الأرض، اجتهدوا من أجل تحقيق أقصى استفادة من مواردهم، وساهموا في إمداد السوق المحلية بالمنتجات الزراعية المطلوبة. هؤلاء الفلاحون لم يعملوا بمفردهم، بل كانت هناك شراكة مستمرة وفعالة بين الفلاحين والسلطات المحلية والمجلس الجماعي، الذي عمل من خلال مجموعة من الخطط الاستراتيجية على دعم وتطوير القطاع الفلاحي في المنطقة. شراكة هذه الأطراف أفضت إلى تطوير العديد من المشاريع الزراعية التي رفعت من الإنتاجية وحسّنت من جودة المحاصيل.
لكن، لم يكن الأمر ليتم دون وجود تحديات أمنية كان لها أثر كبير على استقرار المنطقة. حيث تعرضت جماعة أولاد غانم في فترات سابقة لظاهرة انتشار المخدرات، التي ساعدت في انتشار الجريمة وأثرت على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة. استغل تجار المخدرات ضعف الظروف الاقتصادية وأزمة اليد العاملة، مما دفع ببعض الأفراد إلى الانخراط في الأنشطة غير القانونية كسبيل للعيش.
إلا أن تدخل جهاز الدرك الملكي في المنطقة كان حاسمًا في التصدي لهذه الأنشطة الإجرامية. فقد خاض جهاز الدرك الملكي حربًا شرسة ضد شبكات المخدرات، وتمكن من تقويض أنشطتها بشكل فعال. من خلال ملاحقة تجار المخدرات، نجح جهاز الدرك في اجتثاث جذور هذه الظاهرة، مما ساعد في إعادة الأمن إلى المنطقة، وفتح الطريق أمام الفلاحين ليواصلوا أعمالهم في بيئة أكثر استقرارًا.
بفضل هذه الجهود الأمنية، بدأ العمال الذين كانوا ضحايا استغلال شبكات المخدرات بالعودة تدريجيًا إلى القطاع الفلاحي، مما ساعد على تعزيز اليد العاملة المتاحة للأنشطة الزراعية. ومع استقرار الأوضاع الأمنية، تمكن الفلاحون من العودة إلى أراضيهم والعمل على تحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاج. هذا الاستقرار الأمني كان له تأثير إيجابي ليس فقط على القطاع الزراعي، بل أيضًا على المجتمع المحلي بشكل عام، حيث قلّت نسبة الجريمة، وارتفعت مستويات الثقة بين السكان والسلطات.
كما أن التحسن الملحوظ في الأمن دفع بالعديد من المشاريع الاستثمارية إلى المنطقة، سواء كانت مشاريع فلاحية أو تجارية، مما ساهم في تنمية المنطقة على جميع الأصعدة. كما تم توفير فرص عمل جديدة للأفراد المحليين، مما ساعد في تقليص معدلات البطالة وتعزيز الاقتصاد المحلي.
إن ما تحقق في جماعة أولاد غانم يمثل نموذجًا فريدًا للمنطقة التي تمكنت من التوفيق بين الأمن والتنمية. ليس فقط من خلال جهود الفلاحين في تحسين الإنتاج الزراعي، ولكن أيضًا بفضل التدخل الأمني الحاسم الذي حال دون أن تلتهم الجريمة جهود التنمية. اليوم، أصبحت أولاد غانم مثالًا حيًا على أن الأمن هو الأساس الذي يُبنى عليه كل تقدم اقتصادي واجتماعي. وهو ما يبرهن على أن التخطيط السليم والتعاون المشترك بين جميع الأطراف المعنية – سواء من فلاحين، سلطات محلية، أو أجهزة أمنية – هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة.
اليوم، تُعد جماعة أولاد غانم أكثر من مجرد منطقة فلاحية؛ فهي نموذج حقيقي يُحتذى به في كيفية تحويل التحديات إلى فرص، وكيف يمكن لتكامل الجهود بين الأمن والتنمية أن يثمر نتائج مثمرة ومستدامة.