حين يصبح الحب للوطن صوتًا يعلو من براءة الصبغيات | وكالة الأنباء المغربية
×

حين يصبح الحب للوطن صوتًا يعلو من براءة الصبغيات

بدر قلاج

في أجواء من البهجة الوطنية والاحتفاء بالمناسبات التاريخية المجيدة، نظمت جمعية الهلال للتنمية ومحاربة الفقر حفلًا تضامنيًا مميزًا خصص للأطفال ذوي الثلاثي الصبغي، تحت شعار "نحن أطفال الثلاثي الصبغي لنا الحق في التعبير عن حب وطننا". جاء هذا الحدث الإنساني والثقافي متزامنًا مع الذكرى 49 للمسيرة الخضراء وعيد الاستقلال، في تجسيد راقٍ للروح الوطنية التي لا تعرف حدودًا أو فوارق.


شهد المركب الثقافي بالحي الحسني بمراكش، يوم الأحد 24 نونبر 2024، تجمعًا استثنائيًا انطلق عند الساعة الثانية بعد الزوال، حيث عبّر الأطفال بطريقتهم الخاصة عن مشاعرهم العميقة تجاه وطنهم. لم يكن الحفل مجرد لقاء ترفيهي، بل كان رسالة تحمل في طياتها معاني كبرى عن حقوق هؤلاء الأطفال في التعبير والمشاركة، وعن أهمية احتضان المجتمع لهم باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من نسيجه.


كما شهد الحفل حضور السيد قائد الملحقة الإدارية للحي الحسني، الذي ألقى كلمة نوه فيها بهذه المبادرة الطيبة وأكد على أهمية دعم مثل هذه الفعاليات التي تعزز روح التضامن والانتماء الوطني. كما حضرت السيدة سناء الهداجي، مديرة المركب الثقافي بالحي الحسني، التي أشادت بدور الأطفال في إثراء المشهد الثقافي والاجتماعي، مؤكدةً على ضرورة إشراكهم في الأنشطة الوطنية لإبراز قدراتهم ومهاراتهم. كما كان هناك حضور لعدد من ممثلي السلطة المحلية الذين أبدوا دعمهم لهذا الحدث الفريد.


اختيار الشعار الذي رافق الحفل يعكس فلسفة عميقة تتجاوز الاحتفال العابر، إذ يحمل في مضمونه تأكيدًا على أن حب الوطن ليس حكرًا على فئة أو شريحة بعينها، بل هو شعور يتجاوز كل الفروقات البيولوجية أو الاجتماعية. جاء هذا الحدث ليكرس فكرة أن الوطنية تكمن في القلوب، سواء كانت تنبض بإيقاع مألوف أو إيقاع مختلف، كما هو الحال مع أطفال الثلاثي الصبغي الذين يجعلون من اختلافهم جمالًا يضيء المجتمع.


تخلل الحفل أنشطة متنوعة جمعت بين الموسيقى، والألعاب التفاعلية، حيث أتيحت للأطفال الفرصة للتعبير عن أنفسهم بحرية وإبداع. كما حضر الحفل عدد من الفاعلين الجمعويين والمثقفين، الذين أشادوا بمبادرة الجمعية وبأهمية دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في مثل هذه الفعاليات الوطنية الكبرى.


في كل زاوية من زوايا الحفل، كان الحب للوطن واضحًا، سواء في الرقصات التي أبدعتها هذه الفئة من الأطفال، أو في الأغاني التي شاركوا في أدائها، أو حتى في الابتسامات التي ملأت الوجوه. هذه المبادرة ليست فقط احتفاءً بالمناسبات الوطنية، بل هي دعوة لتجديد النظر في طريقة تعاملنا مع فئة الأطفال ذوي الثلاثي الصبغي، وتعزيز إدماجهم في المجتمع بشكل يعكس احترامنا لكرامتهم وإنسانيتهم.
إن الحفل التضامني الذي نظمته جمعية الهلال للتنمية ومحاربة الفقر كان بمثابة تذكير للجميع بأن الوطن ليس مساحة جغرافية فقط، بل هو شعور بالانتماء والاحتضان، وهو رسالة مفتوحة تحملها قلوب صافية، بعضها ينبض بثلاثي صبغي، لكنها قلوب لا تقل عشقًا للوطن، ولا تقل رغبة في التعبير عنه.

إرسال التعليق