أزمور العطرة: أزمة النفايات بين تقاعس المسؤولية وغياب التسيير السليم
مراسلة : مراد مزراني
أزمور، تلك المدينة التي تبوأت مكانتها بين أجمل المدن المغربية، وأصبحت وجهةً سياحية يتوافد إليها الزوار من كل حدب وصوب. تقع على ضفاف الوادي، يتنسم أهلها الزهور العطرة، وتزخر بتاريخٍ زاخرٍ بالكرم والطهارة. ولكنها اليوم، للأسف، تعيش واقعًا غير مألوف، حيث تواجه مشكلة نفاياتٍ متراكمة، وحاويات أزبالٍ امتلأت عن آخرها، مشكلة تؤثر بشكل كبير على بيئة المدينة، وتبعث على القلق من تدهور الحال إلى ما هو أسوأ.
السؤال المطروح اليوم، والذي يفرض نفسه على الجميع في أزمور، هو: من المسؤول عن هذا الوضع الكارثي؟
في البداية، يجب الإشارة إلى الشركة المسؤولة عن تدبير هذا القطاع الحيوي، والتي يبدو أنها أخفقت في أداء مهمتها بالشكل المطلوب. فبينما كان من المفترض أن توفر هذه الشركة خدمة فعالة ونظيفة، نجد أن حاويات الأزبال تتراكم في العديد من أحياء المدينة، مما يعكس تقاعسًا في التنفيذ وعدم التزام بدفتر التحملات المقرّ. هل تعود هذه الأزمة إلى التسيير الإداري الفاشل، الذي يفتقر إلى التخطيط السليم والمتابعة الدقيقة؟ أم أن المشكلة تكمن في قلة اليد العاملة، التي لا تستطيع مواجهة حجم العمل المتزايد في ظل تزايد الكثافة السكانية والتطور العمراني؟
لكن هل يمكن أن يكون وراء هذه الأزمة دوافع خفية؟ هل ثمة من يسعى لتوظيف الوضع الحالي لتحقيق غايات شخصية أو مصالح خاصة على حساب راحة المواطنين؟ هذه الأسئلة تثير الكثير من الشكوك، خصوصًا في ظل غياب الرقابة والشفافية في التعامل مع هذه الأزمة.
إن الإهمال في الاهتمام بعمال النظافة يعد من أخطر الأبعاد التي ينبغي الوقوف عندها. هؤلاء العمال الذين يعملون تحت ظروف صعبة، ولا يحظون بالتقدير الكافي، ويفتقرون إلى وسائل السلامة اللازمة. فكيف يُعقل أن يتجاهل المسؤولون حقوق هؤلاء، وهم جزء لا يتجزأ من صيانة جمالية المدينة وحمايتها من التلوث؟ هذا التجاهل لا يقتصر على العامل نفسه بل يتسرب إلى باقي المنظومة، ما يؤدي إلى فوضى يراها الجميع دون أن تتحرك الجهات المعنية.
من جانب آخر، تتساءل العديد من الأصوات في أزمور: كيف لهذه المدينة التي كانت دائمًا رمزًا للهدوء والنظافة، أن تقع في هذا الفخ؟ أزمور، بلاد الأولياء والصالحين، تُعتبر من أعرق المدن المغربية، ومن المفترض أن تكون القدوة في تنظيم الشؤون العامة. إذًا، أين هي الاستراتيجية الفعالة التي كان يجب أن تُوضع لهذه المدينة من أجل الحفاظ على رونقها ومكانتها السياحية؟
من المسؤول عن هذا التدهور؟ هل يتحمل المسؤولون المحليون جزءًا من اللوم بسبب ضعف في الإدارة وغياب التنسيق؟ أم أن السلطات العليا قد تغاضت عن إيجاد حلول لهذه المشكلة التي أصبحت تؤرق ساكنة المدينة وتؤثر على سمعتها؟ هل الكل يتحمل المسؤولية؟ بالتأكيد، نعم.
إن الوضع الراهن في أزمور، سواء كان سببه الإهمال الإداري أو قلة التنسيق أو حتى الغايات السياسية الضيقة، يستدعي تدخلًا سريعًا من كافة الأطراف المعنية. يجب أن تكون هناك رؤية واضحة لإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة، سواء على مستوى تدبير النفايات، أو على مستوى تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للعمال.
أزمور العطرة تستحق أكثر من ذلك. يجب أن تعود كما كانت، مدينة نظيفة، جاذبة للزوار، ومحافظة على بيئتها، بحيث تظل كما كانت دائمًا: أرضًا للجمال والسلام.
إرسال التعليق