سيدي بوعثمان.. بين الماضي و الحاضر
نادية الجوميلي
وكالة الأنباء المغربية
تقع جماعة سيدي بوعثمان التابعة لإقليم الرحامنة بالطريق الرابط بين مدينة مراكش و إبن جرير ،يبلغ عدد سكانها حاليا 14 ألف نسمة ،و يخلل أراضيها غطاء غابوي مهم ، من بينه المنتزه المعروف ب “محمية غزال آدم ” والتي تعرف عددا هائلا من الزوار سنويا، و يعتمد سكان منطقة سيدي بوعثمان على الفلاحة كنشاط مهم لكسب قوت يومهم .
هكذا هي سيدي بوعثمان اليوم ، تتوفر على مرافق عمومية من قبيل المستشفيات، الصيدليات، حدائق…، و الجميل أن هذه المنطقة تحتضن معلمة تاريخية ضاربة في القدم و داع سيطها لدى المهثمين بالتاريخ ،إنها الصهاريج المتواجد بإيگوت وجدت هذه الصهاريج قبل 900 سنة .
أما بالنسبة للكفاءات بالمنطقة نذكر من بينه الشباب الذين حاولوا. رسم طريقهم رغم الصعاب و العراقيل ،الصحفي عبدالاله الشبل كما يسمونه الساكنة بسفير الرحامنة ،شاب تحدى الصعاب و لم يجعل نقص الحاجيات عائقا له بل شق طريق النجاح شيئا فشيئا إلى أن بلغ مراده، و كذلك الشاب أشرف اليونسي ، أصغر منسق إقليمي على المستوى الوطني لحزب التقدم و الإشتراكية و الذي بدوره وصل إلى ما هو عليه الآن بعد مجهودات عدة قدمها، هذا ما يوضح أن حقل السياسة يجيدها الشباب الكفئ الأكثر استحقاقا و الأجدر بهذه المسؤولية فأشرف خير دليل على ذلك، هذه فرصة للشباب بأن يغيروا فكرتهم للسياسة و ليبادروا بالمشاركة ورفع شعار التغيير لا على المستوى الإقليمي أو الوطني.
هذه سيدي بوعثمان الآن لكن لنرصد ماضي هذه المنطقة قليلا ، ففي سنة 1912 /6. شتنبر إحتوت سيدي بوعثمان معركة شرسة و قاسية جمعت بين القوات الفرنسية و جيش المقاوم ذو أصول صحراوية أحمد الهيبة ، و ضمت هذه المعركة العديد من المجاهدين من الرحمانيين و السراغنة و الحوز و دكالة و سوس و رجال من الخيالة، و اعتمد الفرنسيون في هذه المعركة ،معركة سيدي بوعثمان الشهيرة ، على قواد الحوز الكبار ،حيث استعان الجنرال ليوطي بالقائد العيادي عن منطقة الرحامنة و القائد عيسى عن منطقة عبدة.
في خرجة سيدي بوعتمان (السوق الأسبوعي حاليا)، عسكر أحمد الهيبة رفقة المجاهدين الأخرين في سبيل طرد المستعمر و الحد من هيمنته آنذاك ، و قدر عتاد الهيبة في هذه المعركة ب 9000 بندقية تقليدية و 4مدافع في حين قدرت أسلحة الجانب الفرنسي ب 8 رشاشات و 120 بندقية و 12مدافع، هذا بالإضافة إلى دعم بعض الوحدات الجزائرية و السنيغالية و كذا من وحدات مغربية متمثلة في 600 فارس ، و كمقارنة بين الأسلحة التي كانت توجد عند الجيش الفرنسي و الجيش المغربي يتبين مدى تقدم وتطور أسلحة الجانب الفرنسي بكثير عن نظيرتها المغربية.
أما بخصوص الخسائر التي خلفت هذه المعركة ،فقد فقد جيش الهيبة 200 قتيل ناهيك عن عدد القتلى و الجرحى المفقودين ، في حين خسر الجانب الفرنسي حوالي 6 قتلى و 22 جريحا .
و نقطة الأمل في هذه المعركة أن الجانب النسوي بدوره لم يبقى مكثوف الأيدي ، بل قامت المرأة المغربية بالدفاع عن زوجها الذي يقاوم هيمنة المستعمر و تمده بالمؤونة و تقديم الدخيرة بل أكثر من ذلك أخدت دور القتلى في المواجهة بشراسة عن وطنها، هذا ما كان بمثابة نقطة ضوء وسط كل تلك الخسائر .
و قد ذكرت أغنية العيطة هذه المعركة في كلماتها القائلة” فين أيامك أبو عثمان
كان موسم ولا حركا
لا خزانة و لا عود بقا
شعلات النار بلا دخان
ورا الطرابش كي بلعمان
ورا الموتى كيف الذبان
ورا العسكر حابسين البيبان”.
اليوم سيدي بوعثمان بعد كل ذلك الضمار تسعى للتغيير و تضميد ما خلفته آثار هذه المعركة.
إرسال التعليق