









فريق التقدم والاشتراكية ينتقد الحصيلة التشريعية والحكومية 2025/2024
الوكالة
2025-07-24

قدم رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، قراءة سياسية وتقييمية شاملة لحصيلة السنة التشريعية والحكومية 2024-2025، في عرض اتسم برصد مكامن القوة والضعف، وعكس رؤية المعارضة التقدمية لما تحقق وما لم يتحقق في هذه المرحلة من عمر الولاية الحكومية الحالية.
في مستهل تقييمه، توقف حموني عند الدور الوطني الذي يضطلع به الفريق، مشددا على استمرار انخراطه في القضايا الكبرى التي تشكل أولوية للمملكة، وفي مقدمتها القضية الوطنية، حيث يحرص الفريق، حسب تعبيره، على القيام بدوره داخل الدبلوماسية البرلمانية، خاصة تجاه الهيئات السياسية ذات المرجعية اليسارية في الخارج. كما أكد أن الفريق يتفاعل بشكل إيجابي مع الأوراش الاستراتيجية ذات التوجيهات الملكية السامية، من قبيل الحماية الاجتماعية، والأمن المائي، والسيادة الغذائية والطاقية، وإصلاح التعليم والصحة، مع تسجيل ملاحظات على بعض أساليب التفعيل المعتمدة من طرف الحكومة.
وفي الشق التشريعي، اعتبر رئيس الفريق أن المعارضة التي يمثلها حزب التقدم والاشتراكية تمارس أدوارها بشكل اقتراحي وبناء، من خلال تقديم عدد من مقترحات القوانين، همت مجالات متنوعة، مثل ضبط الأسعار، حماية الطفولة، تقوية المشاركة النسائية، إصلاح الإعلام، وتقنين الإشهار العمومي، وغيرها. كما أشار إلى تفاعل الفريق إيجابيا مع بعض مشاريع القوانين الحكومية التي رآها منسجمة مع اختياراته، وذات أثر ملموس في قضايا مجتمعية واقتصادية وإدارية.
في المقابل، لم يخف حموني تحفظاته على عدد من النصوص التشريعية، التي رفضها الفريق سواء من حيث المضمون أو المنهجية، ومنها قانون المالية لسنة 2025، القانون التنظيمي للإضراب، قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، ومشروعا المسطرة الجنائية والمدنية، معتبراً أن بعضها لا يستجيب لمتطلبات المرحلة، أو يطرح إشكاليات على مستوى الحقوق والحريات، أو يغيب عنها التوازن بين أطراف العملية القضائية.
وبخصوص الأوراش التشريعية المؤجلة، أبدى رئيس الفريق قلقه من بطء التفاعل الحكومي مع ملفات كبرى مثل إصلاح أنظمة التقاعد، وتعديل مدونة الأسرة، والقانون الجنائي، مشيراً إلى غياب تصور واضح وتواصل حكومي في هذه المجالات، رغم ما تحظى به من أهمية قصوى على المستويين الاجتماعي والدستوري.
أما على مستوى العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فقد عبّر حموني عن انشغال فريقه بما اعتبره احتكاراً من طرف الحكومة للمبادرات التشريعية، وتهميشاً لدور البرلمان في إنتاج النصوص القانونية، مسجلاً تحسناً في برمجة مقترحات القوانين، لكن مع استمرار ما وصفه بغياب التفاعل المتوازن من طرف الحكومة، سواء في اللجان أو في الجلسات العامة.
في السياق الرقابي، اعتبر حموني أن عدداً من الأسئلة البرلمانية لا تلقى أجوبة، أو تُجاب بعد تأخر كبير، أو تظل مضامينها عامة وغير دقيقة، كما انتقد حضور الحكومة إلى جلسات المساءلة، معتبراً إياه غير منتظم ولا يغطي القضايا ذات الراهنية، وهو ما يُضعف، في نظر الفريق، الأثر الرقابي لممثلي الأمة. وأشار إلى موقف الفريق بشأن رفض الاكتفاء بمهمة استطلاعية في ما يُعرف إعلامياً بـ”قضية الفراقشية”، مطالباً بتشكيل لجنة تقصي حقائق.
في تقييمه للأداء العام للحكومة، استند رئيس الفريق إلى البرنامج الحكومي والتقارير المؤسساتية، ليرصد ما اعتبره فجوة بين الالتزامات والواقع. وسجل استمرار تأثير ارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية لأغلب الأسر، معتبراً أن الإجراءات المعتمدة من طرف الحكومة، كدعم النقل واستيراد المواشي، لم تؤت أكلها بالشكل الكافي. كما أشار إلى استمرار مظاهر الاحتكار والريع، وعدم استكمال الترسانة القانونية لمحاربة الفساد، فضلاً عن غياب رؤية استراتيجية في مجالات التعليم والصحة، حيث رأى أن مشاريع الإصلاح لم تعالج الإشكالات البنيوية، وركزت على عناصر جزئية أو هيكلية دون التطرق إلى جوهر الأزمة.
وفي ما يتعلق بالدعم الاجتماعي المباشر، أشار إلى وجود معايير إقصائية، وتوقف بعض البرامج السابقة، وعدم تقديم تصور متكامل للإدماج الاجتماعي والاقتصادي للفئات المستفيدة. كما أبرز أرقاماً تتعلق بالفقر والهشاشة، مذكراً بأن أكثر من 2.5 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، و3 ملايين في وضعية هشاشة، مما يطرح تحديات تنموية واجتماعية مستمرة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار حموني إلى أن تحسن مؤشرات النمو في سنة 2025 يعود لعوامل ظرفية مثل الأمطار والأسواق الدولية، وليس إلى نتائج السياسات العمومية، معتبراً أن التفاوتات المجالية في الاستثمار لا تزال قائمة، وأن نسبة البطالة، خصوصاً في صفوف الشباب، تبقى مرتفعة رغم المجهودات المبذولة.
وفي ما يتعلق بالمناخ السياسي العام، سجل الفريق التقدمي ملاحظاته بخصوص ما وصفه بتراجع النقاش العمومي، واتساع دائرة العزوف السياسي، واحتدام مؤشرات الاحتقان الاجتماعي، داعياً إلى فتح المجال أمام حوار وطني فعّال يعيد الثقة في المؤسسات، ويقوي المشاركة السياسية.
وفي ختام تقييمه، نوه حموني بما وصفه بالتنسيق القائم بين مكونات المعارضة داخل مجلس النواب، رغم اختلاف مرجعياتها، غير أنه أبدى أسفه لعدم نجاح مبادرة تقديم ملتمس رقابة، معتبراً أن فريقه قدم تنازلات ملموسة لتقريب وجهات النظر، لكن بعض مكونات المعارضة لم تتفاعل بالقدر الكافي لإنجاح المبادرة.
وبهذا التقييم، يكون فريق التقدم والاشتراكية قد رسم صورة مركبة لحصيلة سنة من العمل التشريعي والحكومي، تجمع بين التثمين والتحفظ، وتبرز موقعه كمعارضة تقدمية اختارت أن توازن بين النقد البناء والاقتراح الواقعي، في انتظار ما ستحمله السنة التشريعية المقبلة من مستجدات وتحديات.




