مراكش ..حريق بالحي الصناعي سيدي يوسف بن علي

الوكالة

2025-02-26

بدر قلاج/مراكش

في مشهد يختزل تناقضات الحداثة والهشاشة، اندلع مساء اليوم حريق مهول في الحي الصناعي سيدي يوسف بن علي، بالقرب من إعدادية فاطمة الفهرية بمدينة مراكش، ليحيل المكان إلى مسرح للفزع، حيث تراقصت ألسنة اللهب في فضاء مشحون بالقلق، قبل أن تتدخل فرق الإطفاء لمحاولة إعادة النظام إلى فوضى النيران.

لم يكن هذا الحريق مجرد حادث عرضي، بل هو تجسيد لمفارقة صارخة: كيف لمركز صناعي، يُفترض فيه الامتثال لأعلى معايير السلامة، أن يتحول في لحظات إلى بؤرة ملتهبة تفضح هشاشة التدبير واستسهال إجراءات الوقاية؟ وكيف يمكن لمنطقة صناعية، يفترض أنها تمثل دينامية اقتصادية، أن تصبح بؤرة تهديد لأمن وسلامة ساكنيها؟
رغم السرعة التي استجابت بها فرق الوقاية المدنية، والتي حالت دون وقوع خسائر بشرية، فإن الحادث يسلط الضوء على إشكالية متكررة في الأحياء الصناعية المغربية، حيث تُطوى ملفات السلامة المهنية تحت وطأة الإهمال، وتُختزل التدابير الوقائية في شكليات لا تصمد أمام اختبار الواقع.

إن هذا الحريق ليس مجرد نيران عابرة التهمت بعض الممتلكات، بل هو مرآة تعكس خللاً بنيوياً يستوجب إعادة النظر في سياسات التخطيط الصناعي، وتطبيق قوانين أكثر صرامة فيما يتعلق بالسلامة المهنية، حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث التي تكشف هشاشة البنية التحتية أمام أخطار يمكن التنبؤ بها وتفاديها.
إن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل سنتعامل مع هذا الحريق كحادث طارئ سرعان ما ينساه الرأي العام، أم كنقطة تحول تستوجب مراجعة عميقة لمنظومة الوقاية والسلامة في الأحياء الصناعية؟ الجواب يكمن في إرادة أصحاب القرار بين التفاعل السريع الذي ينطفئ بزوال الدخان، وبين استراتيجية جذرية تعيد ترتيب الأولويات قبل أن يأتي الحريق القادم ليضعنا أمام ذات المفارقة، ولكن بثمن أكبر.

تصنيفات