









فضيحة نصب وشعوذة في الدار البيضاء: معلمة ضحية استغلال نفسي ومالي على يد شبكة احتيال
الوكالة
2025-03-26

الدار البيضاء _ هيئة التحرير
في واقعة صادمة هزّت مدينة الدار البيضاء، تمكّن عناصر الدرك الملكي من كشف خيوط عملية احتيال معقدة استهدفت معلمة تعاني من اضطرابات نفسية. حيث تم استغلال حالتها النفسية الضعيفة من قبل فتاة ووالدتها وزوج هذه الأخيرة، الذين أوهموها بقدرتهم على علاجها روحانيًا مقابل مبالغ مالية ضخمة.
تفاصيل القضية تعود إلى شكاية تقدّمت بها الضحية لدى وكيل الملك في المحكمة الابتدائية ابن سليمان. المعلمة، التي تعاني من اضطرابات نفسية مزمنة، ذكرت في شكواها أنها تعرفت على الفتاة عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي. استغلت الفتاة وضعها النفسي المتهالك وقدمت نفسها كوسيط بينها وبين معالجة روحانية “ذات قدرات خارقة”، ليكتشف لاحقًا أن المعالجة الروحانية لم تكن سوى والدة الفتاة التي لعبت هذا الدور بطريقة محكمة ومخادعة.
بحسب التحقيقات الأولية، تمكّنت الفتاة ووالدتها من استنزاف الضحية ماليًا عبر طلبات متكررة ومبالغ متفاوتة، بحجة القيام بطقوس وعلاجات روحانية لفك السحر الأسود والتخلص من الطاقة السلبية. وباستخدام عبارات مثل “السحر الأسود” و”الطاقة السلبية”، تمكّنوا من إقناع الضحية بإخضاع نفسها لهذه العلاجات، مما جعلها تحت تأثيرهم النفسي واستغلوا ضعفها العاطفي والذهني.
المبالغ المالية التي تم تحصيلها تجاوزت 95 ألف درهم، وقد تم تحويل هذه الأموال عبر وكالات تحويل الأموال مثل “وافا كاش”، حيث كان يتسلّمها الزوج الذي تبين لاحقًا أنه شريك في عملية الاحتيال. تم استخدام هذه الأموال لأغراض غير مشروعة، مما يثير الشكوك حول نوايا المتهمين الحقيقية.
ولكن المفاجأة الأكبر كانت حين اكتشف المحققون أن الفتاة ووالدتها كانتا معروفتين لدى المصالح القضائية. فقد تبين أنهما كانتا موضوع شكاية أخرى تتعلق بالابتزاز والتشهير، تقدم بها أحد الصحفيين في الدار البيضاء. الصحفي اتهمهما بفبركة وقائع ملفقة تتعلق بالاستغلال الجنسي بحقّه وبحق بعض رجال القضاء، وذلك في إطار حملة ابتزاز مدبّرة، بالتعاون مع شخص من ذوي السوابق العدلية، والذي هو الآخر متابع أمام القضاء في قضايا نصب واحتيال.
وقد كشفت التحقيقات أن المتهمين قد استغلوا منصات التواصل الاجتماعي لنشر أكاذيب واتهامات باطلة ضد الضحايا، بهدف المساس بسمعتهم وابتزازهم ماليًا ومعنويًا. هذه الأساليب تكررت مؤخرًا مع تصاعد ظاهرة “الابتزاز الرقمي” و”المظلومية المفبركة”، مما أثار قلقًا متزايدًا حول طرق استغلال الناس في وضعيات نفسية أو اجتماعية هشة.
النيابة العامة تتابع ملف القضية عن كثب نظرًا لخطورته، حيث تجمع هذه القضية بين أفعال النصب، الشعوذة، واستغلال الضعف النفسي. وقد تم تقديم المتهمين (الفتاة “س ك”، والدتها “ا ز”، وزوجها “ر ز”) للمحاكمة في حالة اعتقال، مع تحديد يوم الإثنين 25 مارس 2025 موعدًا للجلسة الأولى من محاكمتهم (ملف رقم 191/2103/2025). وقد تم رفض طلب السراح المؤقت للمتهمين، وتأجيل الجلسة إلى يوم الأربعاء 26 مارس 2025.
وتثير هذه القضية تساؤلات جدية حول ضرورة تعزيز الرقابة القانونية والأمنية على ممارسات الشعوذة، التي أصبحت تجد لها بيئة خصبة عبر منصات التواصل الاجتماعي. فالعديد من الشبكات، التي تتخفى تحت ستار “العلاج الروحاني”، باتت تستغل الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أو ظروف اجتماعية صعبة، مما يهدد سلامتهم النفسية والمالية.
من جانب آخر، طالب عدد من النشطاء الحقوقيين بضرورة التصدي الحازم لمثل هذه السلوكيات التي تمس بكرامة المواطنين. وأكدوا على أهمية وضع آليات قانونية أكثر صرامة ضد هؤلاء الممارسين، وضرورة محاربة “النصب المقنّع” الذي بات ينتشر بشكل متزايد عبر الإنترنت ويستهدف فئات هشة دون أي رحمة أو رادع قانوني.




