









جمال مطرب: بين المسرح والتلفزيون، رحلة إبداع متجددة تضع بصمتها في الساحة الفنية المراكشية
الوكالة
2025-01-29

بدر قلاج _ مراكش
في عالم الفن، حيث تتناغم الكلمات مع الأضواء، ويُحتفى بالموهبة في كل زاوية من زوايا الإبداع، يظهر جمال مطرب كأحد أبرز الوجوه الشابة التي استطاعت أن تضع بصمتها في الساحة الفنية المراكشية وتترك أثراً واضحاً في مجال المسرح والتلفزيون. من فرقة الوفاء المراكشي إلى الشاشة الصغيرة، رسم مطرب مساره الفني بروح من البحث المستمر والتمرد على السائد، مقدماً في كل عمل فني جزءاً من ذاته وجزءاً من هويته الثقافية والفنية.

بدأ جمال مطرب مسيرته المسرحية من خلال انضمامه إلى مجموعة من الفرق الهواة، حيث كانت هذه المرحلة بمثابة محطة أولى لاكتساب المهارات الفنية الأساسية والتفاعل المباشر مع الجمهور المحلي. وكان لمشاركته في مسرح الهواة دور كبير في صقل موهبته وتوجيهه نحو الاحتراف. ثم انتقل إلى عالم المسرح الاحترافي، حيث انضم إلى فرقة الوفاء المراكشي التي تعد واحدة من أبرز الفرق المسرحية في مراكش.
من خلال هذه الفرقة، استطاع أن يساهم بشكل فعال في إبراز الأعمال المسرحية التي تجمع بين الأصالة والتجديد، كما شكّل جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية لهذه المدينة. كانت هذه المرحلة نقطة انطلاق مهمة له، حيث أثبت من خلالها موهبته الكبيرة وقدرته على التأثير والتفاعل مع الجمهور المراكشي، الذي يقدر الفن الأصيل والمبدع. لم يكن عمله على خشبة المسرح مجرد أداء تقني، بل كان تمريناً على الذات واحتكاكاً حقيقياً مع الواقع الذي يعيشه الإنسان المغربي، بكل تحدياته وطموحاته.

ومع مرور الوقت، قرر جمال مطرب أن يخطو خطوة جديدة في مسيرته، ليؤسس فرقة محترف كفاءات، التي تعتبر اليوم إحدى المدارس الرائدة في مجال تكوين الشباب في فنون المسرح.
من خلال هذه الفرقة، سعى إلى نقل تجربته الفنية إلى الجيل الجديد، مؤمناً بأهمية تأهيل الشباب وتنمية مهاراتهم الفنية، ليكونوا قادرين على المساهمة في إثراء المشهد الثقافي المغربي. أصبحت فرقة محترف كفاءات مركزاً تعليمياً يساهم في صقل المواهب الشابة وتوجيههم نحو تحقيق طموحاتهم في عالم الفن.

لكن مطرب لم يقتصر على المسرح فحسب، بل توسع إلى عالم التلفزيون، حيث شارك في عدد من الأعمال التلفزيونية المتميزة التي تركت بصمة واضحة في مسيرته. من أبرز هذه الأعمال كان فيلم “شتاء بارد”، الذي أظهر فيه براعة في التمثيل وعُمق في تجسيد الشخصيات المعقدة، إضافة إلى مسلسل “فوق السلك” الذي عكس له جمهور واسع من المتابعين. في كل هذه الأعمال، أظهر جمال مطرب قدرة على التنقل بين الأبعاد الدرامية المختلفة، متمكناً من التأثير العاطفي والجمالي عبر تجسيد مشاهد واقعية ومؤثرة، مشحونة بمشاعر إنسانية صادقة.
إن تجربة جمال مطرب ليست مجرد مسيرة فنية، بل هي فلسفة حياة يعيشها من خلال الإبداع. ففي كل عمل، نجد أن الفكرة تظل حاضرة، حيث لا يقتصر دوره على تقديم النصوص بحرفية، بل يسعى دائماً إلى تجسيد الرسائل الإنسانية العميقة التي قد تكون مغلفة بالفرح أو الحزن، لكن تحمل في طياتها تساؤلات فلسفية حول الحياة والمصير.
من خلال هذه الرحلة، يتجلى لنا جمال مطرب ليس فقط كممثل أو كاتب أو فنان، بل كفيلسوف في عالم التمثيل، يحمل في قلبه طموحات فردية تعكس نبض المجتمع وتناقضاته. تتداخل في أعماله أسئلة وجودية وحياتية، تجعل كل أداء له فرصة لإعادة اكتشاف الذات البشرية والبحث المستمر عن المعنى في عالم سريع التغيير.
يمكن القول إن جمال مطرب يظل أحد الأسماء التي تساهم في تجديد الثقافة الفنية المراكشية، ويمثل جسرًا بين الماضي والحاضر، بين التقليدي والمستقبلي. من خلال أعماله، لا يقدم للجمهور مجرد متعة بصرية، بل يُحفّز العقل على التفكير والتأمل في قضايا المجتمع والإنسان، مؤكداً بذلك أنه فنان لا يقتصر تأثيره على ساحة واحدة، بل يمتد ليكون جزءاً لا يتجزأ من المشهد الفني في مدينة مراكش وفي الثقافة المغربية بشكل عام.




