المغرب يعزز قدراته العسكرية بشراكة استراتيجية مع الصين

يواصل المغرب خطواته الحثيثة لتعزيز قدراته العسكرية عبر توطيد شراكاته مع الصين، مستفيدًا من انفتاحها على نقل التكنولوجيا الدفاعية وتقديم أنظمة تسليح متطورة. ويأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية المملكة لبناء قاعدة صناعية عسكرية متقدمة وتقليل اعتمادها على الموردين التقليديين.

لم يعد المغرب يعتمد على الشركاء الغربيين وحدهم في تأمين احتياجاته العسكرية، بل اتجه إلى تنويع مصادر تسليحه، وهو ما يظهر جليًا في تعاونه المتزايد مع الصين، أحد أبرز الفاعلين في قطاع الصناعات الدفاعية. وفي هذا الإطار، تعاقدت المملكة على اقتناء طائرات مسيّرة متطورة لتعزيز قدراتها الجوية، ومن أبرزها الطائرة TB-001K “Scorpion”، التي تتمتع بمدى تشغيلي يصل إلى 6000 كلم، مع قدرة على التحليق لمدة 35 ساعة متواصلة وحمولة أسلحة تبلغ 1200 كلغ، مما يجعلها خيارًا مثاليًا للمهام الهجومية والاستطلاعية.

هذه الخطوة تأتي بعد نجاح الطائرات المسيّرة الصينية “وينغ لونغ 2” في العمليات العسكرية بالصحراء المغربية، حيث أثبتت فاعليتها في تأمين المناطق العازلة والتصدي لتحركات عناصر البوليساريو. وإلى جانب اقتناء المعدات، يطمح المغرب إلى نقل التكنولوجيا الدفاعية وتطوير قدراته الصناعية لإنتاج وصيانة أنظمة الأسلحة محليًا، ما يعزز استقلاليته الاستراتيجية ويضعه على طريق الاكتفاء الذاتي في مجال التسليح.

التعاون العسكري المغربي-الصيني لا يقتصر على الطائرات المسيّرة، بل يشمل أنظمة دفاعية متقدمة مثل نظام Sky Dragon 50 للدفاع الجوي، وراجمات الصواريخ AR2، وصواريخ HJ-9A المضادة للدروع. كما دخل المغرب في مفاوضات مع شركة HAIC الصينية لاقتناء طائرات L-15 Falcon، وهي مقاتلة خفيفة متعددة المهام، يمكن استخدامها في التدريب المتقدم والعمليات القتالية.

يعكس هذا التوجه رغبة المملكة في تعزيز استقلالها العسكري، خاصة مع ارتفاع أسعار الأسلحة الغربية وصعوبة الحصول على بعضها بسبب التعقيدات السياسية. كما أن تطوير صناعة عسكرية محلية يمنح المغرب قدرة أكبر على تحديث ترسانته وفقًا لأولوياته الاستراتيجية، بعيدًا عن الضغوط الخارجية.

ومع استمرار هذا المسار، يرسّخ المغرب موقعه كقوة إقليمية صاعدة، مستفيدًا من شراكاته المتعددة مع قوى عالمية مثل الصين، التي لا توفر له أحدث أنظمة التسليح فحسب، بل تمنحه أيضًا فرصة لنقل التكنولوجيا والمعرفة، وهو ما يؤسس لصناعة عسكرية مغربية قادرة على المنافسة مستقبلاً.