الأردني الذي سمّم موائد المغاربة”… فضيحة غذائية تهزّ البرنوصي!

الوكالة

2025-03-09

الدار البيضاء

في واحدة من أخطر الفضائح الغذائية التي شهدتها الدار البيضاء، كشفت سلطات الأمن بمنطقة البرنوصي عن نشاط إجرامي مروّع يقوده رجل أعمال أردني، حول مستودعه الصناعي إلى مصنع لتزوير تواريخ صلاحية المواد الغذائية الفاسدة وإعادة ضخّها في الأسواق المغربية. القضية، التي تفجّرت إثر معلومات دقيقة توصلت بها السلطات، كشفت عن مخطط جهنمي يستغل حاجة المستهلكين ويهدد الصحة العامة بملايير الدراهم من الأرباح غير المشروعة.

بدأت خيوط الجريمة تتكشف عندما رصدت الأجهزة المختصة عمليات مشبوهة داخل مستودع بالحي الصناعي، حيث تبين أن الأردني المالك للشركة يعقد صفقات مع أسواق ممتازة لاقتناء أطنان من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية، بمبرر تخصيصها لصناعة الأعلاف. لكن بدلاً من ذلك، كانت هذه المواد تُمرّر عبر آلات متطورة تمحو آثار الفساد، وتمنحها تواريخ صلاحية جديدة، وكأنها خارجة لتوها من المصانع!

لم تقتصر عملية التزييف على التواريخ فقط، بل طالت حتى “الباركود”، حيث تم تعديل الرموز الآلية لخداع الأجهزة والمستهلكين على حد سواء. هذا الغش المتقن مكّن الأردني من إعادة بيع المواد الفاسدة للتجار والباعة الجائلين، مستغلاً الإقبال الكبير على بعض المنتجات في شهر رمضان، ليتحوّل الاحتيال إلى سمّ يُعرض على موائد المغاربة يوميًا.

مع توالي التحقيقات، أوقفت السلطات مسؤولًا مغربيًا بالشركة، وسبعة عمال من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وُضعوا جميعًا رهن الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة. أما الأردني، الذي يقف وراء هذا المخطط، فقد اختفى عن الأنظار، ما جعله المطلوب الأول في واحدة من أكبر قضايا الغش الغذائي بالمغرب.

من بين المواد التي استدعت تدخّلًا عاجلًا، منتوج العسل الذي كان الأردني يعيد تعبئته في قنينات زجاجية فاخرة ويبيعه على أساس أنه “عسل حرّ”. لكن المفاجأة كانت صادمة، إذ كشفت التحليلات أن مصدر هذا “العسل” ليس خلايا النحل، بل مادة سوداء مجهولة المصدر، يتم تذويبها وتحويلها إلى سائل، قبل تسويقها للزبائن المخدوعين.

لم تكن هذه مجرد عملية غشّ بسيطة، بل شبكة إجرامية تحقق أرباحًا بالمليارات على حساب صحة المواطنين. الفضيحة التي كشفت عنها السلطات تطرح أسئلة ملحّة حول دور الرقابة، ومسؤولية الأسواق الممتازة التي باعت منتجات شبه فاسدة تحت غطاء الأعلاف، وكيفية وصول هذه المواد إلى المستهلكين دون اعتراضها في نقاط التفتيش.

إذا كان هذا الأردني قد نجح في تسميم موائد المغاربة مرتين، فمن يضمن أنه لن يكون هناك غيره يواصل اللعبة؟ الفضيحة دقّت جرس إنذار خطير حول سهولة التلاعب بالأمن الغذائي، وأظهرت حاجة ملحّة لإجراءات رقابية أكثر صرامة، حتى لا يتحول السوق إلى ساحة مفتوحة لمن يتقنون “فنّ التزوير”… على حساب صحة الجميع.

تصنيفات